هذا الشات          ajmal kalam

كانت تقوم بعمل بحث دراسي كانت قد تأخرت في إعداده 
فدخلت إحدى المنتديات 
رأت إعلاناً مبهراً بألوان برّاقة وبكلماتٍ منمّقة تُخفي وراءها كل شرٍّ
 الشّات ، تعرف على أحلى شلة ، رومانسية ، تسلية
عالم ولا بالأحلام ، صحبة ، ودردشة والمتعة تفـوق الوصف لا تفوتك 
أغرتها هذه العبارات ، قامت بأخذ اللازم من المنتدى للمساعدة في إعداد البحث
وسجّلت اسم الشّات أعلى البحث لتزوره بعدما تنتهي مما هي فيه من همّ الدراسة
وقلقها .. واستمرّ يومها مع قليل من السّرحان عمّا يخفيه هذا العالم الذي كانت
تخشى تجربته في الماضي
بعد يوميــن .. تحين عطلة منتصف الفصل الدراسيّ
قامت بفتح محرّك البحث وبدأت بتقليب أوراقها لتعثر على اسم
الشات فتبدأ في كتابته 
وضغطت على أولى نتائج البحث وابتدت بداية النهاية المؤلمة
ظهرت لها قائمة بالمتصلين ، قامت بسرعة بتغيير اسمها إلى اسم ناعم 
وصورة تواجدها إلى امرأة أجنبية سافرة ، وجعلت ترى أحاديث المتواجدين
فتضحك تارة وتغضب تارة وقررت أن تقف 
موقف المشاهد ولا تشترك في الأحاديث لأنها مختلطة 
إذ بأحدهم يختفي تحت عنوان "أسير الظلام" يكتب
ما بال أختنا صاحبة الاسم الرائع لا تتكلم ؟
فردّ أحدهم مُدّعياً الشهامة : وما دخلك بها يا هذا ؟
تفعل ما تريده ، ليس لك شأنٌ بها .. أنت هُنا لتحادث
أصدقاءك لا لتُكلّم الفتيات 
ثم كتب ومن خلف الشاشات يبتسم ابتسامته الخبيثة 
عُذراً أختي الفاضلة سيتم طرده 
وترددت صاحبتنا في كتابة : شُكراً 
لكنها اكتفت بالاستمرار في المشاهدة ، وبالطبع لم يرضَ صاحبنا بذلك بل
أرسل إليها قائلاً : إذا حصلتِ على مضايقاتٍ أخبريني وأنا سأتولى أمرهم
لأني مدير هذا الشّات ويمكنني التحدّث فيه وحينما تخبرني أخت ما بشكوى
فإنني أقوم بطرد المتسبب فوراً فنحن نريد المحافظة على هذا الشات
نظيفاً من أيدي العابثين .. نتمنى أن تكوني سعيدة معنا 
وهنا خجلت الفتاة من عدم الرد بعد كل هذا الاهتمام وبدأت بكتابة أولى
الحروف وتابعت لتصوغ : شكراً لك يا أخي ، وإلى الأمام دوماً إن شاء الله
وهنا أحسّ صاحب القناع بأن الفتاة بدأت تقع في الشباك فأرسل باعثاً
لا شُكر على واجب أختي الفاضلة ، هدفنا إسعادكم وخدمتكم دوماً
وهنا كتبت الفتاة أخيراً : بورك جهدكم وعملكم وفي تعاونكم في إدارة الشّات
فردّ بسرعة : لكنّي أديره بمفردي 
- أوه أعانك الله على هذه المهمّة الصّعبة ، لا بدّ أن هذا يحتاج الكثير من الجهدِ
وتوفير المزيد من الوقتِ للحفاظ على انضباط الشّـات 
فيضيف صاحبنا كاذباً : بالطبع ، وازداد العبء أكثر بسبب مرضي
فيبدو على ملامح الفتاة القلق وتكتب : لا بأس طهورٌ إن شاء الله
لا بدّ من وجود من يساعدك في هذه المهمّة الصّعبة 
- نعم وأنا محتار من الشخص المناسب 
ما هي سمات الشخص المناسب في رأيكِ ؟
- أميناً ، صارماً ، صادقاً ، فطناً ومتفرغاً لمثل هذه الأمور 
وهكذا تابع صاحبنا وصاحبتنا الحديث واستدرجها يوماً بعد يومٍ إلى
أن طلب منها طلباً خبيثاً وهو أن تتولى إدارة الشّات معه بعد أن أحسّ بأنها فطنت
أنه لا يجب أن يستمرّ بهذا وبهذا تكون مضطرة للتعامل معه بشكل مستمرّ 
ووافقت الفتاة مسرورة ، وبدأ يمدح عملها واجتهادها ، ثم شخصها 
وتعدّى الأمر المدح فصار يبعث لها رموزاً على شكل ورودٍ ، وتطوّر الأمر إلى
القلوب ، فتبادل أرقام الهواتف فأحاديث ليلية بالساعات .. وانتهت العطلة
وتدنّى مستواها الدراسيّ ، وأصبحت شديدة العقوق بوالديها ومنطوية 
وانكبّت على أغاني المحبين والمطربين ، وهو يوهمها يوماً بعد يوم بأنه مخلص 
ولم يُكلّم غيرها ، فصدقت تلك الأكذوبة المشهورة بحجة : "هو ليس كغيره" 
إلى أن أوشكت قصة سعادتها على الانتهاء وبدء مسيرة الآلام والدموع والأحزان
فقد كشف الوغد عن حقيقته في آخر مكالماته التليفونية ، ذكّرته بعهوده ووعوده 
فقهقه عالياً وأغلق الخط .. عاودت الاتصال .. لا مُجيب ، وبصوتٍ مختنقٍ 
وبقلبٍ مجروحٍ ودمعاتٍ منسكبة من العيون همست 
يا له من كاذب .. بل خائـن 

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

 
Top